سوزان سرور هيكل من بيروت
لم تعد أزمة البلاد محصورة بخلافات سياسية لبنانية بحتة, لقد تعدتها بكثير فأصبح للديانات فيها طرف, وللحكومات الأخرى طرف آخر. فبعد الاحداث السياسية والتطورات الاخيرة في لبنان والتي تمحورت بشكل خاص حول المحكمة الدولية الخاصة بكشف قتلة رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري تصعدت الخطابات السياسية وتشعبت. وساد التوتر والتخوف من انتقال الاحتقان الى الشارع في خلال انتظار الموعد الجديد للاجتماع الوزاري. انها رياح فتنة داخلية قد تتحول بين ليلة وضحاها الى حرب أهلية, وقد تستبق عاصفة الحسم الآتية بعد صدور نتائج جلسة الوزراء والمتوقعة نهار الأربعاء المقبل في القصر الجمهوري في بعبدا. هذا وقد سيطر التشنج على تصريحات المسؤولين الاخيرة.
ففي حديث مع الصحافة اشارت مصادر وزارية مطلعة الى انه في حال صدقت الاشاعات المتداولة عن توافق كان قد تم سابقا بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط فان ذلك يعني انه قد يكون قد تم الاتفاق على منع وصول المناقشات في مجلس الوزراء حول بند شهود الزور الى نقطة التصويت وبالتالي، توقعت المصادر نفسها اعادة السيناريو القديم مرة رابعة، حيث تختلف الجهات في حل موضوع ملف شهود الزور, وعندها يعيد رئيس الجمهورية ميشال سليمان فكرة التأجيل للبحث مجددا في جدول الأعمال الى أن يتم التوصل الى حل توافقي عله يجنب المجلس شبح التصويت.
ومن جهة أخرى، ثبت رئيس الحكومة سعد الحريري على ضرورة الوصول الى "حلول مرضية" في ما يتعلق بملف شهود الزور مستندا على مبدأ التوافق بين كل الافرقاء نتيجة لم قام عليه اتفاق الدوحة.
أما من جهة أخرى، فقد قال رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط في حديث له لجريدة "الانباء" أنه كان من الأفضل لو أن اللقاء الذي جمع القوى المسيحية في الصرح البطريركي بقي محافظا على صيغة الحوار الوطني الجامع الذي يضم مختلف الافرقاء والاتجاهات. وأضاف أنه يجب على جميع القوى السياسية ان تساند رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لتجاوز هذه المرحلة الحساسة والدقيقة، وتابع جنبلاط بقوله ان " فوز اليمين الجمهوري الاميركي في الانتخابات النصفية الأميركية وهزيمة الرئيس الاميركي باراك أوباما في هذا الاستحقاق الانتخابي ستقضي على أي أمل بما يُسمى فتات التسوية في الشرق. وأي كلام عن عودة المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة ليس سوى مضيعة للوقت دون أي فائدة".
وأضاف ان هذا التبدل الانتخابي الأميركي سينعكس مزيداً من الضغط على لبنان وسوريا، ما يحتّم مضاعفة الجهود على المستوى الداخلي لاستمرار السلم الأهلي.
اما رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع ومن خلال حديث اعلامي تناول شأن المحكمة الدولية على أنها هي أولوية لا أول عليها، فقد اعتبر "ان اكبر عملية غش تحصل في تاريخ لبنان الحديث هي ما يُسمّى اليوم بـ"قضية شهود الزور" لأنه لا يُمكن لأحد أن يتحدث عن شهود زور وتكوين ملف قبل صدور القرار الظني على الأقل وحتى الأحكام النهائية"، واذ وصف ما يحصل بـ"المناورة الكبيرة" محاولةً لإعادة قضية رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري الى القضاء اللبناني.
وهو أمر لم ولن يوافقوا عليه.
وأضاف جعجع أن ما قيل عن لسان وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير بخصوص اتفاق طائف جديد، لم يتطرق اليه خلال لقائه به مضيفاً "ان اي تفكير من هذا النوع يجب ان يصدر بامتياز عن الفرقاء اللبنانيين كما لا ألمس استعداد اي فريق الى طرح مشكلة جديدة واعادة البحث في أساس النظام اللبناني باعتبار ان آخر بحث استغرق 15 سنة حرب حتى وصلنا الى اتفاق الطائف". كما وقد نفى جعجع أي فتنة محتملة على الساحة المسيحية أو الوطنية.
ويشار الى أن المدير العام الاسبق للامن العام اللواء الركن جميل أبدى السيد استياءه لكون القرار الذي صدر عن رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي أنطونيو كاسيزي، قد استند الى "مغالطات" و"تحريف" للوقائع التي ارتكبها القاضي رياشي في ردّه الخطي على طلب تنحيته. لذلك وجه السيد دعوة علنية لاخضاعه والقاضي رياشي لآلة كشف الكذب في لاهاي للتأكيد على أن هذا الأخير قد زوَر الحقائق وأن السيد مستعد لدفع نفقة فريق آلة كشف الكذب في حال تعذر على المحكمة الدولية القيام بذلك.
أما في ما يختص بالمحكمة الدولية ونقلا عن صحيفة "الوال ستريت جورنال" فانها ما زالت ثابتة على تقديم لوائح الاتهام ضد عدد من عناصر حزب الله في نهاية هذا العام رغم كل المحاولات لاسكاتها. أما بالنسبة الى عدد المتهمين فقد سرى الى أن عددهم سيبلغ بين اثنين وستة منهم. ومن بينهم مصطفى بدر الدين صهر القائد العسكري السابق لحزب الله عماد مغنية.
09-11-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق