رسالة بيروت من سوزان سرور هيكل
لم يحضر رئيس الوزراء اللبناني سعد الدين الحريري إلى بيروت كما كان مقررا لحضور جلسة مجلس الوزراء، بحجة تعديل طارئ لمسار رحلته مما أبقاه في لندن، وبالتالي فان جلسة مجلس الوزراء التي كان مقررا عقدها أمس الأربعاء تأجلت إلى الأسبوع القادم في القصر الرئاسي علما إن الملف الأبرز فيها كان ملف شهود الزور الذي وتر الشارع اللبناني في الفترة الأخيرة. وقد تم ذلك بموافقة رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان، الذي يرعى فكرة التواصل بين الأفرقاء على أساس سلمي والتوصل إلى حلول جديدة، بعيدة كل البعد عما هو متوقع أن تؤول إليه الأمور في حال لم ترض نتائج هذا اللقاء أحد الطرفين.
ومن لندن وفي سبيله لتهدئة الأوضاع مع سوريا وبالتالي مع حلفائها في لبنان وخصوصا حزب الله، أعلن الحريري إن لا يد للرئيس السوري بشار الأسد في مقتل والده رفيق الحريري وذلك في تصريحات لصحيفة "التايمز" البريطانية وقال: لا اعتقد إن للرئيس الأسد علاقة بذلك، ورفض الدخول في لعبة التكهنات مشيرا انه كرئيس للوزراء ليست لديه "الرفاهية" كي يتكهن بمن قتل والده أو من تورط في قتله. وتعتبر تصريحات السيد الحريري الذي تولى رئاسة الوزراء في عام 2009 هي الأكثر وضوحا في تبرئة النظام السوري من دم والده وسترحب فيها دمشق لكنها ستثير القلق داخل لبنان.
واعترف الحريري بأن مسألة المحكمة الدولية هي الأكثر تحديا له قائلا إن الإنسان يواجه تحديات كثيرة صعبة في حياته وهذه واحدة منها. وقال إن العلاقة مع سورية جغرافيا وسياسيا مهمة وعلى إن أتصرف كرئيس وزراء وليس بصفتي سعد الحريري.
وفي هذا الإطار، دارت في الأوساط السياسية والإعلامية جملة استنتاجات وتحليلات تفصل الوضع الذي سيلي بعد ما سيخلص إليه الأرقاء من نتائج لهذا اللقاء، ونقل عن إحدى وسائل الإعلام العربية، أن "حزب الله" كان قد قام منذ فترة، بمحاكاة الكترونية تهدف إلى السيطرة على العاصمة بيروت. والملفت أن هذه المحاكاة أتت تحسبا لم سيؤول إليه القرار الظنّي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وخاصة أن توجه الاتهام الى عناصر من الحزب، كما أن الهدف من هذه العملية هو للإطاحة بعهد الثنائي (الحريري - السعودية) في لبنان.
غير أن "حزب الله" لم يؤكد هذه المعلومة والأخطر من ذلك أنه لم ينفها وبالتالي في حال حدوث هذا الانقلاب على حكومة الحريري عبر الاستيلاء على بيروت وإرغامه على التنحي والاستقالة فان موازين القوى ستنقلب بديهيا وستدخل البلاد في دوامة تشكيل حكومة جديدة قد تتأخر كسابقتها والتي كانت على عهد الحريري الابن وهو الذي كسر بها الرقم القياسي في التأخر لتشكيل حكومة جديدة.
لم ينسى اللبنانيون بعد تلك الفترة حين شل البلد وتوقفت كل الوزارات عن العمل. فما بالهم اليوم إن أرغموا على عيش هذا الواقع مرة أخرى؟
صحيفة "اللواء" البيروتية نقلت عن أحد الوزراء المطلعين إن أحد الشخصيات السياسية المرموقة طرحت تغيير تركيبة الحكومة كآخر الحلول إذا لم تفلح المساعي العربية في جهودها لحل مشكلة المحكمة الدولية، وذلك بشرط أن تكون التسوية الحكومية الجديدة تنص على إبقاء سعد-الدين الحريري رئيسا للحكومة ولكن على ألا تضم حزب الله والقوات اللبنانية وبهذا يبادلون خروج الحزب من المعادلة الوزارية في مقابل إلغاء المحكمة الدولية.
أما القوات اللبنانية فإبعادهم يؤمن الاعتدال في مواقف تيار المستقبل ومناسب لمعادلة الموازين الطائفية (مسلم – مسيحي) في مجلس الوزراء.
وفي حال سيطر حزب الله على بيروت في غضون ساعات، فان مسألة السلاح في الداخل ستنتفض من جديد، وتشير التوقعات أن نصرالله لن يتوانى عن حث جيشه على استخدام هذا السلاح في الداخل مرة أخرى كما حصل سابقا عندما اجتاح بيروت في السابع من أيار.
أما في المقابل، فقد رد الرئيس اللبناني الأسبق ورئيس حزب الكتائب اللبنانية أمين الجميل من تونس, أن معارضة حزب الله للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان تنبع من شكوكه من أن يكون لبعض عناصره يد في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. مما يفسر ردة فعل الحزب العدائية ضد المحكمة.
كما أعتبر الجميل أن ما يحكى عن ملف " شهود الزور" هو محاولة لتضليل الرأي العام وتحوير مجرى التحقيق. إذ أن الكلام عن "شهود الزور" لا يجوز قبل صدور القرار الظني.
وأضاف انه قبل ظهور القرار الظني يجب أن يبقى ملف الشهود سريا" ولا يمكن توجيه أصابع الاتهام إلى أحد إلا بعد صدوره .
من جهة أخرى, أكد النائب الأسبق في "تيار المستقبل" مصطفى علوش, في حديث له على قناة "المستقبل"، ان ملف شهود الزور بالمعنى القانوني هو ملف فارغ إذ انه لا يمكن معرفة إفادات الشهود قبل صدور القرار الظني عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وبعد ذلك يتم تحديد من من الشهود ضلل التحقيق بجريمة اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري.
وشدد علوش على انه إذا كان هذا السيناريو من حزب الله هو لحث رئيس الحكومة سعد الحريري إلى أن يعلن إن هذه المحكمة باطلة ومسييسة فان هذا الموضوع غير وارد في المعادلة.
إلى ذلك، فان مجلس المطارنة الموارنة أصدر موقفا متشددا حيال التطورات الراهنة، ودعا البطريرك مار نصرالله بطرس صفير إلى التعايش السلمي بظل حوار الأديان انسجاماً مع المواقف التي أطلقها مسبقا في مقابلته الأخيرة مع قناة "الجزيرة" القطرية.
04-11-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق