الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

اعلاميو لبنان فقدوا البوصلة..... والقبلة الاعلامية وكل يغني لليل فريقه الطائفي 1 / 2

إعلاميو لبنان فقدوا البوصلة......... والقبلة الإعلامية وكل يغني لليل فريقه الطائفي 12

رسالة بيروت من سوزان سرور هيكل


يحكى إن الإعلام اللبناني كان مثالا يحتذى، ويحكى عن بطولات الإعلاميين اللبنانيين الذين قهروا الظلم والمحتل والظالم، ويحكى أيضا أنهم (أي قدامى إعلاميي لبنان) فرضوا مدرسة جديدة في الإعلام العربي، خصوصا بعد انتشارهم في بلاد العرب والفرنجة بحثا عن لقمة العيش أو سقف بحميهم من قذائف متساقطة ودرع يكفيهم شر العبوات التي قضت على المبجلين منهم من أصحاب القلم الماسي الذي يقطر حبرا مليء بالحرية والمعاني الصلبة.

لكن ماذا حصل؟، ما سبب هذا التحول؟، أين الكلمات البراقة اللامعة الممتلئة بنعمة التحدي والإصرار والصمود؟، أين المستميتين منهم حبا بالوطن والاديولوجيات الثورية؟، أين المنطق والهدف؟، فمنذ زمن ليس ببعيد، وعلى ذمّة التّقرير السّنوي لمنظّمة مراسلين بلا حدود، تم الإعلان عن تأخّر لبنان سبعَ عشرةَ مرتبة في ما خصّ الحرّية الإعلامية فيه.. ومن هنا يُطرح السّؤال الأهم عن سبب تراجع لبنان في ما خصّ تلك الحرّيات في ظلّ اعتباره بلد حرّية التّعبير و التحرّك، هلّ يقبع السّبب خلف الوضع السّياسي الميئوس منه والذّي ينعكس على الإعلام بشكلٍ مباشر أو غير مباشر بهدف التّفرقة بين أبناء الوطن الواحد وزيادة الشّرذمة الفكرية فيه؟.

لا يُخفى على الكثيرين منّ أنّ مستوى الرّقي الإعلامي في لبنان قبل سنة 1982 كان لافتًا جدًا، فقد كان التّعاطي الصّحافي مع المواضيع المطروحة في قِمّة المهنية والشّفافية والمصداقية، خاصّةً في مجال الصّحافة المكتوبة إذّ كان جليًا نقدها الذّاتي بالرّغم من صلتها بأيّ جهةٍ سياسيةٍ كانت...أمّا خلال السّنوات العشرين المنصرمة، فانتشرت ثورة جديدة في عالم الإعلام، عبر الفضائيات التّلفزيونية والمواقع الإخبارية الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت وتمّ فرض السّيطرة الشّاملة على الإعلام وتفشّي ظاهرة المال السّياسي الذّي يموّل جهات إعلامية عديدة... وبالتّالي أصبحت أغلبية الوسائل الإعلامية تابعة لحزب أو جهة سياسية معيّنة تنفّذ وصاياه وكأنّها شريعة مُنْزَلة، وصار لكلّ جهة إعلامية عدد من الخطوط الحمراء التّي يُمنع تجاوزها...

و نتيجة لهذه التّبعية، أستغل السّياسيون في بعض الأحيان، كافّة هذه المؤسّسات الإعلامية لعقد مؤتمراتهم الصحافية بهدف التّشهير وذمّ أعدائهم وتبرير أنصارهم.. فتحوّل دور المؤسّسات الإعلامية هنا من رسالة إعلامية سامية إلى تحريضية مناصرة لجهات معيّنة و ذلك من خلال غضّ النّظر عن هفوات راعيها وإظهار وفضح أخطاء مخالفيه، من هنا، يتوضّح للمراقب كيف أنّ للسّياسة دور كبير في الإعلام اللبناني وكيف أن الأخير فقد مصداقيته و تمتّعه بما كان يميّزه من التزام بالشّفافية. ومما لا شكّ فيه، قد أثّر كل ذلك سلبًا على المواطن اللبناني، فقد غُسِلَت العقول بثقافة العنصرية والتّفرقة، التمييز والتحيّز.



وبالتّالي، ساهم هذا الأمر في تسخير هذه الوسائل لقوىً خارجية هادفة التّفريق بين أبناء الوطن الواحد.. وهكذا، يكون قد ضاع حلم الوحدة في وطن بحجمه الصغير- الكبير الذّي لا يحتمل التّقسيم، وللأسف فتبْعًا لذاك الواقع المرّ، تُسْتَنْبط تّرسيمة تصوّر تقاسم النّفوذ الإعلاميّ بين السّياسيين حسب طوائفهم كالآتي

الإعلام المرئي اللبناني كان سباقا في المنطقة العربية، خصوصا مع البدء بالخطوات الأولى بالمحطات التي كانت تبث عبر تردد uhf، ومن بعدها إلى العصر الفضائيات والذي أثبتت المحطات اللبنانية علو كعب الإعلام الخاص بالخوض في غمار الترددات بعد أن حكرا على الإعلام الرسمي.

فمحطة "ال ال.بي.سي" أسّستها القوّات اللبنانية بأموال لاتزال موضع جدل، كانت أوّل فضائية عربية خاصة، كسرت كل التابوهات والمحرمات الإعلامية لتغازل الشعور العربي المشتاق لنسخة عربية من الإعلام الترفيهي الغربي وحتى السياسي،فأحدثت تغيرًا جذريًا في الإعلام العربي واليوم يدور الصّراع على ملكيتها و تثبيت هويّتها الحزبية مع التأكيد أنّها تتبع للطائفة المسيحية، وبشكل أكثر تحديدا للطائفة المارونية أو المارونية السياسية، مع العلم إنها راعت في كثير من الأحيان الواقع العربي الإسلامي خصوصا بعد تحالفها مع شبكة قنوات روتانا المملوكة للأمير السعودي الوليد بن طلال من خلال التوأمة مع شبكة "فوكس".



ومن الناحية السياسية الإخبارية، فكانت المحطة طرفا أساسيا في النزاع بين مناهضي الوجود السوري في لبنان إلى حد وصلت معه الأمور إلى محاولة اغتيال الزميلة مي شدياق المعروفة بتوجهها"القواتي" المناهض لهذا الوجود، مما يعني وباختصار، بان المحطة وعلى رغم سيطرة لغة المال إلا أنها ظلت وفية للخط المنهجي الأساسي الذي قامت من اجله، وربما كان الحياد عن هذا الخط في بعض الأحيان ما دفع شدياق إلى تقديم استقالتها مباشرة على الهواء بعد خضوعها إلى أكثر من 30 عملية جراحية بعد محاولة اغتيالها.

أما محطّة تلفزيون المستقبل، فولائها واضح جدا ومعلن ويعود إلى الرئيس سعد الحريري والطّائفة السّنية بالتّالي، وكان الهدف من إطلاقها محاولة إزاحة قناة الـ"ال بي سي" عن عرشها، لكن ربما الاعتبارات الدينية والسياسية كانت مانعا لكنها حافظت على مكانتها باعتبارها المتحدث الرسمي للإعلام"الحريري" في لبنان وبالتالي للتوجهات السعودية تجاه السياسة اللبنانية.

أما تلفزيون "الأو.تي. في" تابع للتيار الوطني الحر بقيادة السّياسي النّائب ميشال عون ، فينتهج النهج الأساسي لزعيم تياره إن كان من ناحية المادة الإخبارية التي يتم تقديمها أو الشكل العام للمحطة.

أما محطّة تلفزيون المنار النّاطق الرّسمي لحزب الله والطّائفة الشّيعية ، والعضو المشارك في اتّحاد إذاعات الدّول العربية التّابع لجامعة الدّول العربية، فقد كان صدمة أولية للإعلام العربي خصوصا من ناحية الخطاب السياسي الموالي لإيران، أو من جهة الشكل المرئي للمذيعين والمذيعات، فالمذيعات محجبات على الطريقة الشيعية والمذيعين من ذوي الذقون واللباس الإيراني، وتعتبر مرجعا ومصدرا لإخبار حزب الله وتحركاته الرسمية الداخلية والخارجية.

إما فضائية "أم. تي . في" المملوكة في الأصل لغبريال المرّ وهي إحدى أهمّ المحطّات التّابعة للأحزاب المسيحية في لبنان الموالية لقوى الرّابع عشر من آذار، كانت قد أقفلت مدّة سبع سنوات لأسبابٍ سياسية بحتة وأعيد افتتاحها في ٧ ابريل ٢٠٠٩بعد رفع المنع القانوني عنها.





29-10-2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق