كتبت سوزان سرور هيكل
عشية احتفال لبنان بالذكرى السابعة والستين من عيد استقلاله تهيأ لبنان واللبنانيون على أمل استرجاع الشطر الشمالي من قرية الغجر ولكن الموعد المحدد لانسحاب اسرائيل من هذا القسم من الأراضي اللبنانية لم يتم بعد. وبالتالي يبقى قسم من الوطن مسلوب من أحضانه على أمل أن يفرج عنه وعن مزارع شبعا لاحقا. وبعد, كيف لاستقلال أن يتم في خضم التهويل الممنهج لزعزعة الاستقرار والسلم الأهلي؟؟ وكيف لنا أن نعيش تحت وطأة اقرار لقرار ظني معقد - محلول وصراع داخلي على شأن البت في موضوع ملف شهود زور مرفوض - مرغوب من أبناء وطن واحد دون أن نخشى النتائج الوخيمة لهذا التناقض المستعر باستمرار. فأي استقلال يتحدثون عنه والأمة مستعبدة بروحها وعقليتها؟؟؟
لم يخطيء جبران خليل جبران عندما عندما قال "لكم لبنانكم بمعضلاته ولي لبناني وجماله". أوليس لبنان الجميل مسعى لكل أبنائه؟ فلماذا اذا هذا التنافر والتوتر الذي يجعل البلاد على شفير الانهيار؟؟ لقد تشرد أبناء الوطن الواحد وتشرذمت العائلات بسبب أطماع رجالاته السياسية والأطماع الخارجية الدولية فيه. فأصبح طموح كل لبناني شاب الهجرة الى بلاد تؤمن له الراحة والاستقرار. فمنذ قديم الأزمان ولبنان مطمع الجميع. خصوصا وأن بوابة الشرق هذه على العالم توجّ في عيون الطامعين بها كلعبة شطرنج مقسمة لحكومات ذات رؤوس يضيع العدّ فيها.
ولكن, رغم هذه المفارقات, يتفق اللبنانيون كافة على أن العلم اللبناني يجمع الكل في هذا العيد ولا يفرق بين أبناء الوطن الواحد. فكيف بالتالي يستقبل أبناء هذا الوطن الأبي عيد استقلالهم بالرغم من تباين آرآءهم ؟
انطلاقا من رأس الهرم, رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان فهو كعادة كل سنة سيلقي خطابا بمناسبة الاستقلال يذكر فيه بوحدة لبنان واللبنانيين. وقد جاء عن جريدة الأخبار أن الرئيس سيكرر غدا خطاب القسم، وسيشدد على وجوب الالتزام بالحوار والمحافظة على الاستقرار الداخلي والعام كما أنه سيؤكد أهمية دور الدول العربية في المساهمة في "إحاطة الأزمة الداخلية".
وتشير الصحيفة نقلا عن أحد المقربين من الرئيس سليمان، أنّه قد يعلن في خطابه أمراً إيجابياً بخصوص الاتصالات العربية الجارية. وفي معرض حفل الاستقبال الذي سيقام في قصر بعبدا سيقابل الرئيس مجموعة من المسؤولين اللبنانيين، ولم يتّضح بعدُ ما إذا كان ينوي لقاء رئيسي مجلس النواب نبيه بري ومجلس الوزراء سعد الحريري، وذلك في خلوة موسّعة ستتم نهار الاثنين بعد العرض العسكري.
وفي اطار العيد، اقيمت اليوم احتفالات في قيادات المناطق العسكرية والوحدات الكبرى والقطع المستقلة، تخللتها تلاوة أمر اليوم ووضع اكاليل من الزهر باسم قائد الجيش على النصب التذكارية فيهم .
وفي خطوة تحضيرية أولية دعت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي - شعبة العلاقات العامة، الى التقيد بعلامات السير التوجيهية الموضوعة في بيروت تسهيلا لحركة المرور ومنعا للازدحام بمناسبة عيد الاستقلال وذلك بدءا من الساعة 6,30 من يوم السبت في 20/11/2010، وأن السير سيتحوّل من تمثال المغترب اللبناني وحتى مفرق شارع اللنبي، ومن أول نفق جورج حداد نزولا حتى تقاطعه مع جادة الرئيس شفيق الوزان، مما سيؤدي إلى منع مرور السيارات على هذه الطرقات، كما أنه سيتم قطع السير من فندق "فينيسيا" باتجاه "البيال" وسيحول إلى شارع فرنسوا الحاج اعتبارا من الوقت المذكور ولحين الانتهاء.
أما على الصعيد الداخلي فقد جاء عن وزير العمل بطرس حرب بيان يهنيء فيه اللبنانيين بذكرى الاستقلال مصرا" على وجوب وحدتهم وذلك عبر حملهم للعلم اللبناني لا الأعلام الحزبية في البلد. وقال في تصريح له : "ان قدر اللبناني ان يجدد انتماءه الى بلده في كل يوم، وأن يثبّت استحقاقه للاستقلال الذي ناله عام 1943 من خلال نجاحه في مواجهة التحدّيات والصّعاب التي تعترض مسيرته بسبب الأحداث المتفجّرة في المنطقة ولا سيّما منذ قيام الكيان الصهيونيّ الغاصب، وبسبب تركيبته الداخلية الفريدة التي حمّلته "رسالة" إنسانيّة وحضاريّة تتجاوز مفهوم الدّولة كما قال قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، وهي تركيبة تحتاج الى رعاية وتطوير دائمَين وصولاً الى صيغة دولة المواطنة الغنية بتنوعها والقوية بهذا التنوع المستند الى أرقى أشكال الديموقراطية القائمة على حرية الرأي والمعتقد واحترام حقوق الانسان، وحلّ الخلافات والنّزاعات وفقاً للأصول الديموقراطيّة المُعتَمَدة في دستورها".
وفي جامعات لبنان أجمع الطلاب أيضا على فكرة التوحد في هذا العيد, ففي مشهد من جامعة البلمند لم يكن طلاب الجامعة يتوقعون أن يشهدوا هكذا حدث يعد تاريخيا بالنسبة لم مرت به سابقا الجامعات ، حيث أن أيادي الطلاب اشتبكت وديا" موحدة" بين موالي الحزب السوري القومي الاجتماعي و موالي القوات اللبنانية في رقصة الدبكة، وهو دليل على حب الوطن والسعي في سبيل المصلحة الوطنية الواحدة. وهو حدث يجدر له التخليد في عز الأوضاع المتقلقلة القائمة حاليا في البلاد.
وعلى الصعيد الفني, يطل عازف البيانو اللبناني المتميز وليد الحوراني مساء الاثنين 22 نوفمبر من قاعة "الأسمبلي هول" في الجامعة الأميركية في بيروت في تمام الساعة الثامنة ليحيي حفلته الوحيدة بمناسبة هذا العيد المنتظر.
طبعا انّ الحاجة اليوم أكبر وأكثر إلحاحاً من الماضي الى تمسك اللبنانيين بوطنهم ووحدتهم، فلنأمل أن يتخطى هذا الوطن الصغير – الكبير كل مخططات الارهاب فيه ولا يقع في أجواء العنف وتدمير الوطن.
20-11-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق