حاورته سوزان سرور هيكل من بيروت
في لقاء شامل تناول كل الموضوعات، حاور شريط المطران اللبناني والعضو في
المجلس الحبري للعائلة أسقف أبرشية جبيل بشارة الراعي وتحدَث معه عن أهم المواضيع الانسانية والاجتماعية التي يعاني منها اللبنانيون والمسيحيون في هذا العصر الراهن، في الشرق عموما ولبنان والعراق خصوصا في ظل الظروف الاجتماعية القاهرة للمسيحيين في العراق بالإضافة إلى الأوضاع الإنسانية المتردّية على الصعيد الأخلاقي في المجتمع، والزواج المدني والطلاق...
استهل الراعي حديثه عن التعايش الإسلامي المسيحي في لبنان والعالم العربي وقال لشريط : "اننا ندعو المسلمين والمسيحيين في لبنان خاصة وفي العالم العربي عامة إلى النضال من أجل الوحدة والاستمرار بالتعايش الحضاري. هم ركيزة المجتمع الشرقي ويجب أن يقوم دورهم على الأسس الصحيحة والسليمة التي من خلالها يستمر لبنان وغيره في السلم. أما لبنان فله دور السّراج، دور النور الثقافي والإنساني والاجتماعي في هذه البيئة من العالم، وكما قال البابا يوحنا بولس الثاني رحمه الله ان "لبنان هو أكثر من بلد انه رسالة" رسالة حب وسلام فلنحافظ على هذه الرسالة".
مسيحيو العراق
عن مسيحيي العراق أضاف أن اضطهادهم أمر مرفوض، واشار انه كان قد استنكر هذا الأمر عبر عدَة منابر ولكن هذا الأمر هو طبعا أمر غير كاف، لذلك يجدر الآن العمل على كيفية استمرار المسيحيين في الداخل العراقي من خلال تعاون الحكومات العربية كافة لحل هذه المعضلة. وأضاف أن روما استنكرت الأمر أيضا وقدَمت قداسا شارك به الكرادلة والشعب على نيَة مسيحيي هذا البلد العزيز. وأضاف الشعلة ما زالت مستمرة من خلال الأعلام وهم لن يتوانوا يوما عنها فسلام عيش المسيحيين في العراق من سلام عيش المسيحيين في كل الشرق.
مسيحيو لبنان اتباعا للمسلمين
وفي معرض الحديث عن الوحدة المسيحية في لبنان كان ردّه قائلا ان المسيحيين "تفرفطوا" فقد اصبحوا اتباعا للمسلمين اما في قوى 14 آذار أو في قوى 8 آذار والبرهان على ذلك انهم مختلفون بحدَة مع بعضهم على حساب الشعب المسيحي الذي انقسم معهم.
وأوضح قائلا أنَ ما يعرف بـ14 آذار هو تابع للتيار السنّي الذي يتبع بدوره أميركا، مصر والسعودية بقيادة النائب سعد الحريري، بينما تيار 8 آذار هو تابع لايران وسوريا بقيادة الرئيس نبيه بري. وبين هذين الخطين أؤكد "تفرفط" المسيحيين الذين ضاعوا بين هذين الخطين فبات المسيحي يكره أخاه المسيحي الذي ينتمي الى الخط الآخر وهذا أمر خطير وغير مقبول. وبالتالي فان مشاكل المسيحيين من من مشاكل البلاد المستوردة من الخارج.
والأصعب حسب راي الراعي أتى عندما أقحمت بكركي في تسمية مرشحين لرئاسة الجمهورية. فوقع التشرذم المسيحي وبات المسيحيون كما قال البطريرك صفير: " تابعين بدلا من متبوعين وأصبحت الكلمة الاخيرة لبري والحريري. لقد بتنا نختلف على حساب السنّة والشيعة في حين اننا يجب ان نلعب دور الرابط بينهما وان نكون اصدقاء للجميع." ولفت الى أنَ العنصر المسيحي لا يزال هو الاقوى وما علينا سوى الالتفاف حول بكركي والبطريرك صفير فهم ضمانة للجميع.
على الزواج المدني ان يكون اختياريا
وكان لافتا في الحديث عن شركة الزواج عدم ضحده لفكرة الزواج المدني على أن يكون اختياريا ويتكلَل بالزواج المسيحي أو حسب الشريعة الاسلامية. فحسب قوله أنَ الكنيسة قائمة على ثلاثة أشياء هي: النؤمن باله واحد - السلطة الالهية - والأسرار السبعة. والمسيحي ملزم بالزواج الكنسي لأنه سر وليس عقدا اجتماعيا وأن من يتزوَج مدنيا دون أن يتبع زواجه هذا بالزواج الكنسي فهو يكون قد نكر سرا من أسرار الكنيسة، وبالتالي فهو لم يكمل دينه بل أصبح مسيحيا بالكلمة وليس بالفعل وبالتالي فمن الأفضل أن ينكر انتماءه للدين المسيحي بدلا من الأدعاء أنه ينتمي اليه.
وشرح قائلا أن المسيحيين واللبنانيين عامة يتبعون قانون الطوائف من الأحوال الشخصية كالأرث وخاصة في الشريعة الاسلامية وذلك خلافا للقوانين الغربية حيث يتبع قانون الزواج الدولة وبالتالي في حال حصول طلاق هي التي تقرر وتحدّد تقسيم الأرزاق.
وقد لفت المطران الراعي أسقف أبرشية جبيل أن "المسيحيين ليسوا مكسر عصا لأحد" فهو كان قد طلب سابقا من رئيس الجمهورية الأسبق الياس الهراوي أن يحلَل الزواج المدني نظرا لتعدد الطوائف في لبنان وبالتالي نكون قد تحاشينا أزمة المساكنة والشرخ الذي سيؤدي الى تفكك العائلات وندرتها في المستقبل. ففي لبنان من البوذيين والملحدين وغيرهم من اللذين لا ينتمون الى أي من الطائفتين المسيحية والاسلامية وهكذا نكون قد أمَنا لهم قانون زواج يحمي حقوقهم بدل ارسالهم الى قبرص للزواج والعودة الى لبنان.
لكن مصالح السياسيين أتت على حساب الطوائف الأساسية في الوطن. فأراد المسلمين الزواج المدني أجباريا ونحن كطائفة مسيحية أردناه اختياريا. نحن مع حرية الدين والمعتقد وهم لا يقبلون بحرية الدين والمعتقد وهذا حديث أردده عن لسان دولة الرئيس الأمين الحافظ رحمه الله.
يجب على الدولة مراعاة الكل, فليكن الزواج المدني معلنا أو الزاميا للملحد واختياريا للذي يتبع ديانة معيَنة. واعتبر أنَ الزواج المدني بلبنان هو حاجة ملحَة. وفي محاولة لايجاد مخرج من أزمة ملف الزواج المدني بلي المسيحيون به. وأضاف أننا نريد المساواة والمسلمين وان حضنا أبناءنا وأمَنا لهم الزواج المدني فسيكملون دينهم بالزواج الكنسي وان لم يكن كذلك فان الزواج سيقتصر على الزواج المدني وسيقلّ التزام أبناء الدين الواحد لديانتهم.
الجهل الديني سبب الطلاق
وأخيرا عن خطَة الكنيسة للطلاق والهجر لفت قائلا أن التعليم والتثقيف أمر ضروري. والجهل الديني مرتبط مباشرة بتزعزع العائلة وتفككها وتشرذمها. كان الناس يؤمنون بالزواج والعائلة أما اليوم الروح العلمانية الكبيرة وتدني المستوى الأخلاقي وتغيّر مفاهيم احترام الذات والآخر أثَر بشكل كبير على العائلة وترابطها.
وأشار أن المسيحية تفرض اليوم ما يعرف بتحضير الزواج الالزامي على كل من يرغب في دخول هذا السر. وأن هناك مركز متابعة ومواكبة واصغاء خصص لكل الرعايا في الوطن وهم يسعون دوما الى حلّ الأمور بين الزوج والزوجة وذلك عن طريق كاهن الرعية.
وقد عزا أسباب الطلاق الى تفاقم الجهل وقلَة الممارسة الايمانية وعدم مخافة الله. أما الفساد هو عامل أساسي وتزكّيه البرامج التلفزيونية المسيئة.
الناس فقدوا الأوكسيجين النقي الذي يجدونه في كلام الله لذلك يجب العمل على التربية الأخلاقية وعلى تقوية الاسس الدينية كي لا نخسر القيم العائلية التي يتميَز بها لبنان. اذا خسرنا العائلة لن يبقى لبنان كما كان دوما عليه.
22-12-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق